الخميس، 12 يوليو 2012

رائعة تطوير الذات

عادات الفعالية السبعة من شخصية رسول الله عليه السلام

عادات الفعالية السبعة من شخصية رسول الله عليه السلام

يعتبر كتاب ستيفن كوفي بعنوان العادات السبعة للقادة الأكثر فعالية أحد الكتب البارزة في مجال القيادة والإدارة والإتصال بين الأشخاص والأفراد والمؤسسات. وباختصار يطرح الكاتب في هذا الكتاب صفاتا سبعه يرى مؤلف الكتاب أنها تتوفر دوما في هؤلاء الأشخاص الذين لهم تأثير كبير على من حولهم. لا يدعي ستيفن أنه هو من أخترع هذه الصفات وإنما يقول أن كل هؤلاء القياديين الذين أحدثوا تغييرا حولهم وأثروا في عقول الناس لا بد وأنهم اشتركوا وحملوا هذه الصفات.

الكتاب مميز في نظري ولكني اعتقد أن هناك حاجة لتركيز جيد من اجل استيعاب الافكار التي جاءت في الكتاب واذكر اني حضرت ندوة قام بها أحد المهندسين في شركة فورد بأمريكا (لا يحضرني اسمه الآن) ربط فيها بين العادات السبعة وبين شخصية رسول الله عليه السلام وعندها بدأت افكار ومفاهيم الكتاب تظهر لي بشكل أوضح وبدأت في محاولات الربط المستمر بين قصص السيرة النبوية وبين عادات الفعالية فوجدت أن شخصية رسول الله عليه السلام مليئة بنماذج التأثير والفعالية التي تفوق هذه السبعة ولكن التركيز على رسول الله في شرح هذه العادات يساهم في تقريب مفهومها للمستمع لحبنا الجم لرسول الله ولاستيعابنا السهل لقصصه وعبره.

جمعت الكثير من هذه الأفكار في دورة عن العادات السبعة قدمتها في عدد من الأندية السعودية القائمة في الجامعات الأمريكية ثم قدمتها ايضا لعدة جهات بعد عودتي الى المملكة كما كتبت عددا من المقالات في اماكن متعددة واحببت هنا أن اجمعها في المدونة الشخصية لأني ممن يؤمن أن كتابة الأفكار تساهم في ترسيخها وفهمها واعتقد أن التفكير في هذه الأمثلة اثناء قراءة الكتاب سيساعد على فهمه بشكل افضل.

فيما يلي نماذج من السيرة عن كل عادة من العادات السبعة:
1)- أخذ روح المبادرة:-
- كان رسول الله يذهب بنفسه لوفود الحجاج والقبائل ليعرض عليها الإسلام ولم يكن يجلس في مكان واحد ويتوقع أن يأتي إليه الناس ولم يكن يكتفي بأن يرسل الصحابة يميناً ويساراً بينما يجلس هو ويأخذ موقف المتفرج وإنما كان سباقا للعمل عليه الصلاة والسلام.

· موقفه في تحطيم الحجر الذي جاء أمام الصحابة وقت حفر الخندق حيث بادر لتكسير الحجارة

· إرساله للرسائل للملوك والأمراء لدعوتهم للإسلام بدلا من أن ينتظر أن يأتي إليه الناس.

2)-حدد الهدف الذي تصبو إليه منذ البداية
وهي مسألة غاية في الأهمية فكثيرا ما تبدأ نشاطات جيدة ومفيدة ولكن يتغاضى أصحابها عن تحديد الأهداف منذ البدء . وتحديد الأهداف منذ البدء يجعل مسألة تقييم النتائج مسألة أسهل بشكل كبير.

· كل دعوته وحياته عليه الصلاة والسلام كانت تضع النهاية وهي لقاء الله عز وجل في البال والخاطر، وكان هذا الهدف هو الذي يحدد الوسائل المستخدمة والمتبعة في حياته عليه السلام. وأقصد الوسائل الدعوية والمعاملات والمخاطبات وكل نسكه وحياته كان منصبا لخدمة ذلك الهدف.

· بدأ الرسول في مخاطبة ثقيف في الطائف بهدف البحث عن ملاذ آخر له ولصحبه خارج مكة، ولما رفضت ثقيف عرض الأمر على أهل المدينة فوافقوا. المسألة هي أن الهدف من المخاطبات كان واضحا من البداية وهو إنشاء مجتمع يستطيع الرسول وصحابته أن يمارسوا شعائر دينهم فيه وأن يدعو للإسلام من ذلك المكان.

تحديد الأهداف والتخطيط لها يتطلب التالي:
*التفكير من خارج الصندوق:- أي محاولة الخروج من الإطار العام والتقليدي الذي يفكر الشخص من خلاله وهذه مسألة يطول الحديث فيها لأنها من أهم أساليب التعامل الناجح مع القضايا. ومثال ذلك من حياته عليه السلام هو :

· حفر الخندق حول المدينة وهو عادة فارسية لم يعرفها ولم يعهدها العرب، أي أن تقبل مسألة التفكير من خارج الإطار هي التي أدت للوصول لهذه الفكرة.

· سار المسلمون على هذا النهج بعد ذلك في تجربة أساليب جديدة وأفكار جديدة للتعامل مع مشاكلهم فكانت مسألة الدواوين والوزارات وغير ذلك من الأمور في عهد سيدنا عمر والتي لم يألفها القالب العربي في التفكير آنذاك ولكنها استخدمت لأنها تفيد الناس وكأنها نتجت من خلال التفكير من خارج المألوف.

*المحافظة على المبدأ مهما تغيرت الظروف:- غالبا ما تتحكم الظروف في ردود الفعل لدى الأشخاص، ولكن المؤثرين فعلا هم أولئك الذين لا تتغير ردود أفعالهم بتغير الظروف فلا تجد للغضب ولا للحزن ولا للخوف أي دور في رسم ردود الفعل. ومن أمثلة ذلك من حياته عليه الصلاة والسلام :

· قصة ذلك الأعرابي الذي جاءه من الخلف وشد إزاره بقوة لدرجة أن رقبته الشريفة أحمرت ولم يكتفي الأعرابي بهذا وإنما صرخ لقد ظلمتني في توزيع الغنائم. فالتفت إليه رسول الله ضاحكا!!! (تخيل ضاحكا) وأمر له بأكثر مما يستحق.

· عفوه عليه السلام عن قريش انطلاقا من مبدأ العفو عند المقدرة بالرغم من أن الفائز في الحرب في تلك الأيام كان يسبي النساء والأموال.

· موقفه من أهل الطائف عندما كان عائدا وهو حزين جدا جدا لما لاقاه من سوء في التعامل من أهل ثقيف وجاء إليه ملك الجبال واستأذنه في أن يطبق علي أهل الطائف الجبلين كعقاب لهم على عملهم ولكنه عليه السلام رحمة للعالمين فرفض ذلك وقال لعل أن يخرج الله من أصلابهم من يوحده ويؤمن به.

· زيارته لجاره الغير مسلم أصلا الذي كان يؤذيه يوميا بإلقاء القاذورات أمام بيته فبالرغم من الأذية إلا أنه طبق مبدأ رعاية الجار وزاره في مرضه.

· مساعدته للمظلوم حتى وإن كان كافرا وعدم اقتصار ذلك على المسلمين فقط ويتمثل هذا في مساندته للأعرابي الذي سلب أبو جهل ماله فسانده رسول الله وأعاد إليه ماله من أبو جهل (عندما قال أبو جهل أنه رأى جملا كبيرا يمكنه أن يأكله في لقمة واحده).

3)-ترتيب الأولويات وتقديم ما هو أهم على ما هو أقل أهمية.

· في علاقته مع ربه كان يقدم الفرائض على كل شيء

· ركزت أوائل المرحلة المكية في الدعوة على بناء الشخصية المسلمة ولم يكن فيها الكثير من الفرائض لأن الناس كانو حديثو عهد بالإسلام فكانت الأولوية لبناء الشخصية.

· بدأ رسول الله مجتمعه في المدينة بعقد تحالفات مع جيرانه في المدينة لكي يؤمن جانب من هم بجواره أولا قبل أن يبدأ هو وصحابته بمهاجمة قوافل قريش التي سرقت أموال الصحابة وكل ما تركوه ورائهم في مكة. أي أنه أمن مجتمعه أولا وبعدها قرر أن يرد على اعتداءات قريش.

4)-التفكير بطريقة فوز/ فوز

· موافقته على تغيير اسمه في صلح الحديبية من محمد رسول الله إلى محمد بن عبدالله، فلو أصر هو على كتابة رسول الله فقد يكلف ذلك خروج قريش من المعاهدة وخسارة الفتح الكبير الممثل في صلح الحديبية، ولهذا آثر رسول الله أن يشعر قريش بأنها انتصرت في هذا النقطة مقابل أن يكسب الإسلام مكاسب أخرى أكبر وأهم.

· وعده لسراقة بن مالك عندما لحق به وبأبي بكر وقت الهجرة وحاول أن يوقفهما رغبة في الحصول على جائزة قريش، وبالرغم من أن حصان سيدنا سراقة رفض أن يجري ليلحق برسول الله عليه السلام وكان بإمكانه عليه الصلاة والسلام أن يمشي ويفوز تاركا سراقة يشعر بأنه فشل في مسعاه وخسر ولكن رسول الله أبى إلا وأن يعد سراقة بسواري كسرى ليشعره بأنه فاز أيضا.

· موقف رسول الله من سيدنا أبو سفيان عند فتح مكة، فقد كان رسول الله يعرف حب أبو سفيان للإطراء والمديح ولهذا أمر المنادين عند دخول مكة أن يقولوا “من دخل دار أبي سفيان كان آمنا” بالرغم من أنه عليه الصلاة لم يكن بحاجة لهذا الأمر ولكنه أراد أن يشعر أبو سفيان بأنه مهم أي أنه فائز وكان هذا سببا في إسلامه أي تحقيق هدف رسول الله في إسلامه.

· مبدأ دفع الصدقات والزكاة لكبار القوم من الأعداء لكي يأمن المسلمون شرهم ويدفعوا بلائهم (باب المؤلفة قلوبهم) هو أيضا يدرج تحت إطار الفوز فوز.

5)- حاول أن تَفْهَم قبل أن تُفْهِم

· قصة حاطب الذي أرسل خطابا لقريش يحذرهم من نيته عليه الصلاة والسلام بغزو مكة ومجيء جبريل عليه السلام لرسول الله وإخباره بهذا الأمر مما أدى إلى وصول الخطاب موقعا باسم حاطب بن أبي بلتعه لرسول الله. ويمكن أن نعتقد أن الموضوع واضح فالوحي جاء والدليل المادي وهو الخطاب موجود فمن السهل الحكم على الموضوع ولكن رسول الله عليه السلام أراد أن يلقننا درسا في التثبت فجاء بحاطب وحاول أن يفهم منه أولا وسأله : ماالذي حملك على هذا يا حاطب؟ فحاول الرسول أن يفهم أولا قبل أن يطلق حكمه.

· قصته مع الوليد بن المغيرة الذي كان يتحدث مع رسول الله طويلا ويناقشه عن الإسلام وعن وحدانية الله ومقدرته على البعث بعد الموت وكان رسول الله يستمع منصتا ويقول (أفرغت يا أبا الوليد؟) أي أنه أعطى له فرصة للحديث حتى الانتهاء من كلامه ليفهم من يقوله أولا ومن ثم يعلق عليه من خلال ذلك الفهم.

· مراعاته عليه السلام لأحوال الناس قبل مخاطبته لهم فكان يخاطب الصبي بما يناسبه ويخاطب الرجل والمرأة والعجوز بما يناسبهم، أي أنه يفهم أحوالهم وبعدها يخاطبهم.

6)-التعاضد:

التفكير في العمل الجماعي عن طريق الأخذ بعين الاعتبار بأولويات الآخرين وأهدافهم فمستوى النجاح يرتفع عندما يشارك في العمل أكبر قدر ممكن من الناس ولكي ترفع أعداد الناس المشاركة فلابد من أخذ أولوياتهم بعين الاعتبار.

· ويأتي تحت هذه الفكرة النظر للأمور من منظار الآخر وهذه نقطة غاية في الأهمية وهي أهمية النظرة للقضايا والمسائل من خلال نظرة الآخر لها فمثلا نظرة صاحب المال لقانون العمل والعمال تختلف كثيرا عن نظرة العامل لقانون العمل والعمال فلكل منهم أولويات مختلفة وما يراه الأول عدلا يراه الآخر تعديا على حقوقه وهنا تبرز أهمية مشاركة الاثنين في صياغة قانون العمل والعمال لأن القانون الذي سيكتبه أحد الطرفين فقط سيطغى ولا محالة على الآخر أما القانون الذي يكتباه الاثنان سويا فسيكون أقرب للقبول من كلا الطرفين لأنه يأخذ بعين الاعتبار لإجتياجات كلا الطرفين. أي أنه كلما أزداد عدد المشتركين وتنوعهم في صنع القرار كان عدد القابلين للقرار أكبر بكثير من الحالة التي يصيغ القرار فيها عدد محدود من الأشخاص.

· كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يحرص دوما على الأخذ بعين الاعتبار بوجهة نظر الأنصار ورغباتهم وتمثل هذا في سؤاله لهم قبل غزوة بدر عن رغبتهم في المضي قدما في الموضوع.

· أخذه بالإعتبار برغبة المسلمين في الخروج من المدينة للقاء قريش في غزوة أحد

· أخذه عليه السلام بالاعتبار باختلاف أولوية المهاجرين عن الأنصار عند توزيع الغنائم بعد غزوة حنين فأعطى المهاجرين أكثر مما أعطى غيرهم لأنهم فقدوا أموالهم وممتلكاتهم عند الهجرة وفي نفس الوقت منح رسول الله نفسه للأنصار مقابل هذا (أي أنه أخذ بعين الاعتبار لمتطلبات الأنصار والمهاجرين المختلفة)

· التنوع الموجود في مجتمع الصحابة كان مصدر قوة لرسول الله فهناك حلم سيدنا أبو بكر وهناك قوة سيدنا عمر وهناك العرب وهناك العجم وهناك المهاجرين وهناك الأنصار وهناك الرقيق والأحرار وغيرهم وغيرهم وكلهم كان يساهم في صنع القرار والمشورة.

7)-أشحذ السكين باستمرار :
فعندما تحرص على شحذ سن المنشار باستمرار فإنك ستنشر الحطب وتقطعه بسرعة أكبر مما إن كان سن المنشار قديما. والمقصود هو أهمية مراجعة النفس وتقييمها باستمرار وتطوير نواحي الضعف والقصور فيها وتذكير النفس بالمبادئ الأساسية التي تتصرف من خلالها.

· سيرته عليه السلام مليئة بالنوافل والتقرب إلى الله بالطاعات والاستغفار لكي يربط نفسه باستمرار بالمصدر الذي يتلقى مبادئه منه وعمل لأجله.

· كان عليه السلام يستمع للشورى من صحابته فاستمع لنصيحة الخندق واستمع لنصحية التخييم أمام الأبيار في غزوة بدر لكي يحجبها عن قريش.

· طور رسول الله عليه السلام أساليب قتاله بعد خيبر واستخدم أدوات الحرب الجديدة التي وجدها في حصونهم كالمنجنيق الذي لم يكن معروفا آنذاك عند العرب.

· حرص رسول الله على تعليم صحابته القراءة والكتابة وجعل فدية أسرى بدر أن يعلموا 10 من المسلمين القراءة والسنة مليئة بالأحاديث التي تدل على طلب العلم وتطوير الذات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كلمات خالدة

إهداء إلى كل من أشعل نفسي بالحماس ..
إلى من ينشرون الأمل في قلوب الناس ..

أرشيف المدونة الإلكترونية

Translate

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة