الخميس، 12 يوليو 2012

من روائع الدكتور نزيه العثماني وصايا دراسية في بداية الدراسة

وصايا دراسية في بداية الدراسة

دائما ما اتلقى رسائل من طلبة وطالبات يتسائلون عن الطرق المثلى للدراسة والتي يمكنهم من خلالها حصد فهم اكبر للمادة العلمية مما سينتج عنه تحصيلا اكبر للدرجات العلمية واحببت في هذه التدوينة ان اكتب بعض الخواطر الشخصية حول هذا الموضوع على شكل نقاط واتمنى ممن يقرأ هذه التدوينة أن يساهم في اثرائها بالرأي والتجربة الشخصية من خلال التعليق على الموضوع في المدونة.

حدد أهدافك وأولوياتك من البداية ثم اكتب خطتك لتحقيقها

هناك اسئلة ينبغي عليك اجابتها بينك وبين نفسك وبوضوح من بداية الدراسة وهذه الاسئلة هي لماذا تدرس؟ وماذا تريد؟ وما هو المستوى العلمي الذي تريد تحقيقه في تخصصك؟ وأين تشاهد نفسك بعد عشرين سنة من الآن؟

بعد اجابة هذه التساؤلات بشكل واضح ودقيق تأتي المرحلة الثانية وهي وضع الخطة التي سيؤدي اتباعها والالتزام بها اليوم للوصول بمشيئة الله لما ترغب في تحقيقه ويأتي ذلك من الاجابة الواضحة والدقيقة على التساؤلات التالية:

· ما هي الأمور التي يتوجب عليك فعلها للوصول لما ترغب في تحقيقه؟

· ماهي الخطوات التي تحتاج اليها لتجاوز نقاط الضعف التي تقف عقبة بينك وبين ما تريد تحقيقه؟

· ما الفرص المتاحة والمتوفرة التي يمكنك استغلالها لتحقيق ما ترغب في تحقيقه؟ وكيف يمكنك استغلالها؟

هناك كم هائل من الكتب والدورات الجيدة التي تساعد الراغبين في تحديد الأهداف وصياغتها وانصح وبشدة كل طالب من أن يقرأ في هذه الكتب ويحضر مثل هذه الدورات لكي يتمكن من اتقان هذه المهارة لأن النجاح مرتبط وبشكل مباشر بتحديد الأولويات ومن ثم السعي وراء تحقيقها وبشكل متواصل من خلال خطة عمل دقيقة وواضحة يتم اتباعها بالتدريج وبشكل منظم.

وجود مثل هذه الخطة حيوي ومهم لأنه يفرض على الطالب ومن البداية نمطا معينا من الحياة ويساعده في تنظيم وقته فكل ما يتوافق مع خطته التي يحتاجها لتحقيق ما يطمح إليه يصبح عملا ضروريا له الأولوية في جدول الأعمال وكل ما لا يتوافق مع تلك الخطة يصبح عملا ثانويا يمكن تأجيله لأوقات الفراغ أو حتى تجاهله لأن الحكمة تقول بأن النجاح هو في معرفة الأمور التي لا ينبغي القيام بها.

خالط من يساعدك في خطتك

المرء ومن يخالل فمن الضروري جدا أن تحيط نفسك بأشخاص يساعدونك على الالتزام بخطتك والعمل بها وحاول أن تكون قدوة لهؤلاء الذي لا يملكون خطة ويعيشون يومهم بشكل عشوائي وساعدهم في تغيير نمط حياتهم.

المادة العلمية اليوم هي مصدر رزقك غدا

عادة ما تقوم لجان مختصة باختيار المواضيع المرتبطة بالمناهج الدراسية ويتم ترتيب المواضيع اللازمة لتأهيل متخصص في مجال معين في سلسلة من المواد الدراسية يأخذها الطالب أو الطالبة بشكل متدرج من بداية الدراسة لنهايتها ليتخرج كمتخصص في هذا المجال أو ذاك. فمثلا حددت بعض الجهات الاكاديمية المتخصصة في الاعتماد الأكاديمي المواضيع التي ينبغي أن يتقنها شخص ما ليتم اعتباره مهندسا متخصصا في الهندسة الكهربائية وبعدها قامت لجان في الهندسة الكهربائية بتوزيع هذه المتطلبات والمواضيع في سلسلة من المواد الدراسية التي يمر بها الطلاب بالتدريج ليحقق المهارات المطلوبة في هذه المواضيع.

هذا التوزيع المتسلسل للمواضيع يعني أنه إن اراد طالب تحقيق متطلبات التخرج ببكالوريوس هندسة كهربائية فعليه أن يمر بسلسلة من المواضيع المتتالية لتشكل في نهاية الأمر شخصيته كمهندس كهرباء كما يعني ايضا أن فقدان أو ضعف أحد حلقات هذه السلسلة سيضعف من شخصيته النهائية كمهندس كهرباء في ساحة العمل لأن المواضيع تراكمية والضعف في مادة معينة سينتج عنه ضعف في مواد اخرى وسيؤثر هذا الضعف المتراكم في شخصيته النهائية كمهندس كهرباء مما سيتيح الفرصة لآخرين ليتميزو عنه في الفرص الوظيفية والدراسية المستقبلية. ببساطة يساهم جدول الضرب في الابتدائية في تشكيل شخصية خريج بكالوريوس المحاسبة فإن لم يتقن التعامل مع جدول الضرب والقسمة والمسائل الكتابية التي يبدأ تدريب الطالب عليها في المرحلة الابتدائية لن تكون قدرته في العمل في المحاسبة متكاملة وهذا المثال يوضح الطبيعة التراكمية للمواضيع كما يوضح خطورة التعامل مع المادة العلمية على أنها قضية مؤقته تنتهي بانتهاء الامتحان الخاص بالمادة.

النظرة إلى المادة العلمية المقدمة في المادة جزء حيوي جدا ومرتبط بشكل مباشر بفعالية التحصيل العلمي فيها فلو نظر الطالب للمادة العلمية على أنها جزء من شخصيته وعلى أنها ستساهم في تميزه في تخصصه بعد التخرج فسيتعامل مع المادة العلمية بطريقة مختلفة عن الطالب الذي يرغب فقط في انهاء المادة بأي شكل كان ونسيانها فور نهاية الفصل الدراسي.

قد يشعر الطالب أحيانا بأنه يدرس مادة لا علاقة لها بتخصصه فيهملها ولا يعطيها حقها وهذا الشعور قد لا يختلف احيانا عن شعور طالب الابتدائية بعدم جدوى دراسة المسائل الكتابية لأنه وفي تلك المرحلة لا يعرف اهميتها في المستقبل وعلى أي حال من الأحوال العلوم اليوم متداخلة وصار العمل اليوم متداخلا مع تخصصات اخرى فمن الصعب للمهندس مثلا أن يقول أنه لا شأن له بالإدارة ولا بالإقتصاد ولا بالمحاسبة ومن الصعب أيضا أن يقول المحاسب بأن مبادئ الهندسة والطب لا تعنيه لأن كلاهما قد ينتهي به الأمر للعمل في جهة تجمع بين الأمرين ولهذا انصح الطلاب بعدم الاستسلام لشعور عدم جدوى هذه المادة أو تلك لأن وجود المادة في الخطة الدراسية له مبرر وليس عشوائي. كما أن تنوع المعارف والخلفيات للطالب يثري قدراته ويطورها فقد يتصور البعض عدم وجود رابط بين بعض العلوم ولكن قد يكون الواقع مختلفا فالذي يفهم مثلا في علم الأحياء ووظائف الاعضاء وتشكيل الجينات وفي نفس الوقت يفهم في الهندسة الالكترونية والتعامل مع الإشارات يتميز في فهمه عمن يفهم في أحد المجالات فقط ولهذا فلا يوجد موضوع في خطتك الدراسية غير مرتبط بتشكيل شخصيتك بعد التخرج.

نوع مصادر معرفتك ومهاراتك

احرص على حضور الدورات والندوات وقراءة الكتب التي تتناول المهارات التي تفتقدها ولا تقصر نفسك على القراءة في مجال تخصصك فقط لأن الإبداع يتطلب وجود افق واسع وهذا لن يتحقق إلا من خلال تنمية المهارات الشخصية في شتى المجالات مثل القيادة وتنظيم الوقت وادارة المشاريع وترتيب الأولويات ومهارات الإتصال ومهارات برمجة الحاسب بل ويتطلب الإبداع أيضا تنمية المواهب الشخصية الأخرى مثل الرسم والفنون والمهارات الرياضية. بشكل عام حاول أن تتعرف ولو بشكل مختصر ماهو ضروري في مختلف المجالات المرتبطة بك وبتخصصك.

لا تنتظر الإمتحان لتذاكر

الدافعية للعمل والانتاج مطلب حيوي لتحقيق التميز الدراسي وينبغي أن لا تكون هذه الدافعية مشروطة بأي شيئ سوى تحقيق اكبر قدر ممكن من الفهم والتطبيق للمادة العلمية المقدمة فلا يهم مثلا إن كان من يقدم المادة مميزا أو لا فلابد للطالب أن يؤمن من داخله بأهمية تحصيل فهم جيد للمادة العلمية المقدمة بغض النظر عن ظروف التعليم المحيطة.

لا تكن من الذين لا يفتحون الكتاب ولا يذاكرونه إلا في وقت الامتحان بل اقرأ المادة العلمية قبل المحاضرة ولخصها اثناء المحاضرة واعد قراءتها بعد المحاضرة ثم قم بتطبيقات المادة العلمية من المقرر على الفور. أما عند الامتحان فمن المفترض أن تراجع المادة العلمية فقط ثم تقوم بأداء تطبيقات اضافية لم ترد في المنهج الدراسي.

لن يتحقق الأداء المميز للطالب إلا من خلال دافعية ذاتية من داخله ولذا فاقترح أن يقرأ الطالب كتبا تتناول كيفية زيادة الدافعية ورفع الانتاجية لأن هناك وسائل وطرق عديدة تتناسب مع كل شخص على حسب طبيعته وظروفه الشخصية.

الكتاب الكتاب الكتاب الكتاب ثم الكتاب

الكتاب هو المرجع الرئيسي للمادة العلمية ويخطئ من يظن أنه يستطيع أن يفهم المادة العلمية من خلال قراءة شرائح المحاضرات التي يعدها عضو هيئة التدريس أو من خلال ملخصات الزملاء فشرائح المحاضرات هي مقتطفات اختارها المدرس ليتطرق اليها بطريقة أو بأخرى ولكنها لا تمثل المادة العلمية الكاملة كما أن وقت المحاضرة لا يسمح باجراء تطبيقات كثيرة عليها ولذا يتوجب على الطالب العودة إلى التعامل مع الكتاب كمصدر رئيسي للمادة العلمية أما محاضرات المدرس وشرحه فهي مصدر ثانوي ومساعد لفهم الكتاب وقد لاحظت كثيرا أن الآية مقلوبة عند الطلاب، فبدلا من أن يكون الكتاب هو المصدر الرئيسي وشرح المعلم مصدرا ثانويا يكون الواقع هو العكس مما ينتج عنه قصورا في فهم المادة العلمية وتطبيقاتها.

قم بعمل ملخصاتك الخاصة قبل الامتحان

عندما تنظر للمادة العلمية على أنها جزء من هويتك بعد التخرج فستتخيل نفسك اثناء الدراسة وأنت خريج يرغب في العودة لفهم الموضوع الذي تدرسه الآن وهذا الأمر سيجعلك تحرص على عمل ملخصات واضحة وشاملة للموضوع بطريقة لا تفيدك في الامتحان فقط وإنما بطريقة تمكنك كخريج من العودة إليها بعد تخرجك لتفهم الموضوع بطريقة سهلة وسلسة ولابد لهذه الملخصات أن تحقق شرطين على الأقل أولهما هو أن تجمع بين ما جاء في الكتاب وشرائح العرض وشرح المدرس وفهم الطالب كل في مكان واحد يصبح هو المرجع المستخدم في هذا الموضوع وثانيهما هو كتابة هذه الملخصات أولا بأول وتجربة شموليتها من خلال استخدامها في حل مسائل الكتاب وتطبيقاته قبل الامتحانات الدورية بحيث تصبح هذه الملخصات مرجعا يستخدمه الطالب للتحضير للامتحان الدوري ويقوم من خلاله بحل تطبيقات اضافية من خارج المنهج الدراسي للمادة للاستعداد للامتحانات.

أنت لست ضحية وإنما نتيجة اختياراتك

عندما يشعر الطالب أنه ضحية يتولد لديه احد اكبر المثبطات التي تؤثر على أداءه في المواد فالطالب الذي يشعر أنه ضحية للنظام التعليمي أو أنه دخل تخصصا لا يرغب فيه لأن معدله لا يسمح له بالدخول في التخصص الذي يرغب فيه أو أن مدرس المادة سيئ أو أن المادة صعبة أو أن نظام التعليم متخبط أو غير ذلك مثل هذا الطالب لن يبذل مجهودا في مذاكرة المادة لأنه سيبرر وبطريقة مباشرة لقصوره من خلال شعوره بأنه ضحية.

أخي الطالب: عندما تنظر للمادة على أنها جزء من مصدر رزقك في المستقبل فلا يهم إن كان مدرس المادة جيدا أو لا ولا يهم إن كان هناك تخبط في نظام التعليم أو لا بل لا يوجد شيئ له أهمية اخرى اصلا سوى أن تقوم ببذل جهدك لفهم محتوى المادة لكي لا تتأثر شخصيتك بعد تخرجك لأنك لا تستطيع تغيير نظام التعليم ولا حتى تغيير طريقة المدرس في التعليم ولكنك تستطيع تغيير طريقة دراستك فابذل مجهودك في ما تستطيع عمله بدلا من أن تتقمص دور الضحية وتركز مجهودك في اثبات أنك ضحية وفي النهاية ستكون أنت فعلا ضحية اختياراتك الشخصية وليس ضحية ظروفك المحيطة فتحمل مسؤولية نفسك واشغل نفسك بتحسين وتطوير طرق دراستك بدلا من أن تشغل نفسك في اثبات أنك ضحية ولا تنسى أن هناك من سيتميز حتى في ظل الظروف والملابسات التي تشتكي أنت منها، فكيف تميز هو بينما بقيت أنت في موقع الضحية؟

ادخل التحدي الجديد

قم وبشكل متواصل بتعويد نفسك وعقلك على القيام بأعمال جديدة واستخدام وسائل جديدة وتعلم أمور جديدة لأن التعامل مع الجديد في الفصل الدراسي سيؤهلك في المستقبل للتعامل مع ما هو جديد في عملك أما أن تقنع نفسك بأنك غير قادر على خوض التحدي في التعامل مع مسائل جديدة أو مشاريع جديدة أو مواضيع جديدة لا تعرفها فعندها ستبقى كما أنت بينما سيجتازك الآخرون ويتميزون عنك.

خطة دراسية مقترحة:

· قم بشراء كتاب المادة من بداية الفصل الدراسي

· خصص ملفا لكل مادة ولا تنس أن تقوم بتجليد هذا الملف في نهاية الفصل الدراسي لتعود إليه بعد تخرجك لاستذكار محتوى المادة.

· حدد وقتا اسبوعيا لكل مادة لقراءة محتوى المحاضرات من الكتاب قبل البدء في المحاضرة.

· سجل ملاحظات المدرس والنقاط التي فهمتها بشكل جيد وضعها في ملف المادة.

· حدد وقتا اسبوعيا لكل مادة تقوم فيه بقراءة الكتاب، وشرائح الدرس وملاحظاتك في المحاضرة ثم تلخيصها بطريقتك في ملف المادة. تذكر أنك تكتب هذا الملخص لتعود إليه بعد تخرجك في حالة احتياجك لفهم هذا الموضوع فلا تهمل التفاصيل والتنظيم الحسن.

· حدد وقتا اسبوعيا لكل مادة تقوم فيه بحل تطبيقاتها الموجودة في الكتاب وباستخدام الملخص الذي كتبته وقم باجراء التعديلات اللازمة في الملخص واسأل مدرس المادة فيما صعب عليك فهمه.

· حدد وقتا اسبوعيا لكل مادة تقوم فيه بحل واجباتها واداء مشاريعها أولا بأول.

· ابحث عن مصادر اضافية لشرح المادة العلمية واستخدم تلك المصادر مع ملخصاتك للاستعداد مبكرا للإمتحانات الدورية.

· قم بحل اسئلة اضافية من خارج كتاب المادة عن المادة العلمية وعدل ملخصاتك مرة اخرى إن لزم الأمر.

· حدد وقتا اسبوعيا تقوم فيه بتنمية مهاراتك الشخصية من خلال قراءة كتاب أو حضور دورة أو العمل في مجموعة.

· لاتنس بأن ما كتب أعلاه هو خطة دراسية فقط ولا بد لك من أن تكتب لنفسك خططا شبيهة في مجالاتك الاجتماعية والروحانية ايضا.

الخلاصة

ان استمريت في الدراسة بنفس اسلوبك في الفصول الدراسية الماضية فستحصل عن نفس نتيجة الفصل الدراسي الماضي

إن كنت ترغب في رفع مستواك العلمي ورفع معدلك التراكمي فإن الله لن يغير وضعك الدراسي إلا إذا غيرت عاداتك الدراسية فالحكمة تقول بأنك ان استمريت في الدراسة بنفس أسلوب الفصول الماضية فمعدلك سيبقى كما كان في الفصل الماضي وتحقيق التميز يتطلب دوما بذل المزيد من الجهد والتفاني بشكل متواصل ومخلص واعتقد أنك تستحق أن تبذل من أجل نفسك وشخصك مجهودا اكثر واكثر لتحقق التميز والابداع الذي تطمح إليه ومن جد وجد ومن زرع حصد.

اتمنى في الختام أن يساهم هذا المقال في الحث على التفكير والتمعن في الأمور المرتبطة بموضوعه كما أتمنى أن يقوم من يقرأه للنهاية بالتعليق عليه واضافة ما يراه مناسبا أو نقد ما يعتقد أنه غير مناسب لتعم الفائدة علينا جميعا من خلال تبادل المعرفة والخبرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كلمات خالدة

إهداء إلى كل من أشعل نفسي بالحماس ..
إلى من ينشرون الأمل في قلوب الناس ..

أرشيف المدونة الإلكترونية

Translate

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة